وتأتي تغريدات محمد بن راشد هذه بعد يوم واحد من ظهور شقيقه، وزير المالية حمدان بن راشد آل مكتوم على شاشة قناة "الكأس" القطرية، على خلفية مشاركته في مهرجان قطري للخيول بلندن، علماً أن الإمارات تقود حصاراً على قطر منذ أكثر من عام وأقرت قوانين تحاسب أي متعاطف أو من يتواصل مع قطر.
كما تأتي أيضاً في وقت تشارك فيه الإمارات ضمن التحالف العربي تحت قيادة السعودية، الذي يشن حرباً في اليمن منذ ثلاث سنوات، قتل فيها الآلاف وتضرر اقتصاد هذا البلد.
ويرى مراقبون أن محمد بن راشد محق في قوله أن العالم العربي يفتقد للقادة، وهو ما انعكس سلباً على تطور البلاد العربية، كما يمكن الفهم من كلامه هذا أنه رسالة إلى بن زايد الذي أقحم الإمارات في صراعات وخلافات مع دول المنطقة، بعيدة عن نهج الإمارات السلمي والمحايد الذي قامت عليه منذ تأسيسها عام 1971.
ويمكن ملاحظة أن بن راشد نأى بنفسه عن الكثير من الصراعات الخارجية منذ توليه حكم إمارة دبي عام 2006 مركزاً كل جهوده على تطور بلاده.
ورغم الغزل المستمر بين "المحمدين" من حين إلى آخر ، فإنه يلاحظ اختلاف وجهات النظر إزاء العديد من القضايا الخارجية، فمثلاً لم تُخفِ السلطات الإماراتية، تحت قيادة محمد بن زايد، عداءها للربيع العربي، ولا لمن جاء به إلى السلطة، لا فرق في ذلك بين إسلاميي مصر أو يساريي تونس أو ثوار ليبيا، فالجميع مثَّلوا تهديداً وجودياً من وجهة نظر السلطات الإماراتية.
لكن محمد بن راشد اعتبر، في حديث له عام 2011 مع شبكة "CNN"، أن "الربيع العربي يمثل أناساً طال انتظارهم، فبعض الحكومات تعمل على خدمة نفسها لا خدمة شعبها، والناس تريد العمل".
بن راشد جدد تصريحه هذا في حديث مع "BBC" عام 2014 بأن على "الحكومات العربية أن تتغير أو أنها ستُغير، وأن التطور والنجاح وصناعة الفرص هو تحدٍّ يظهر القادة من خلاله".
كما رأى بن راشد أن بشار الأسد سيرحل عن المشهد في نهاية المطاف، قائلاً: إن "رحيل الأسد سيستغرق وقتاً طويلاً، لكن إذا قتلت شعبك فليس بوسعك البقاء سترحل في نهاية المطاف".
- ثمن سياسي
ويمكن تفسير تمكن محمد بن زايد من تهميش محمد بن راشد بدوره في إنقاذ إمارة دبي من شبح الإفلاس نتيجة الأزمة المالية التي عصفت بها ما بين العام 2007 و 2009.
حيث يتمتّع اقتصاد أبوظبي بنموٍّ هائلٍ، ما جعلها أكبر من اقتصادات الإمارات الـ6 الأخرى مجتمعة، وتمتلك خامس أكبر احتياطي من النفط في العالم، والذي يشكّل نحو 10% من الاحتياطي العالمي.
واشترت أبوظبي- وفق تقرير مؤسّسة "سي.إم.إيه داتافيجن" الذي نُشر في العام 2009- كل ديون دبي البالغة 80 مليار دولار، ما جعلها- وفق التقرير- تشاركها مواردها، وقد كافأتها أيضاً بإطلاق اسم الشيخ خليفة بن زايد، حاكم أبوظبي الحالي، على "برج دبي" الأطول في العالم، كنوعٍ من الوفاء والشكر.
ولتفسير أوضح يمكن العودة لكلام كبير خبراء الاقتصاد في البنك السعودي الفرنسي جون سفكيان كيس، الذي قال فيه إن المساعدات التي تلقتها دبي من جارتها الغنية أبوظبي "هو ثمن سياسي يتمثل في إخضاع دبي لقيود سياسية وتجارية تفرضها أبوظبي".
وقال في حديثه مع "CNN" في العام 2015: "المسألة السياسية كانت دائماً مهمة، ومن المعروف أن دبي كانت تسعى دوماً للتمتع بسياسة خارجية منفصلة، وهو أمر كانت أبوظبي على الدوام ترغب في التدخل فيه، وقد حصلت في ذاك اليوم على هذه الفرصة".
ورأى أن دبي نتيجة هذا الثمن "اضطرت لتغيير اسم أهم معالمها من (برج دبي) إلى (برج خليفة)، كما أنها صمتت طويلاً حيال السياسات الخارجية والداخلية المتهورة لمحمد بن زايد".